التوجيه القيادي ودوره في القيادة التحويلية transformational leadership
القيادةالتحويلية Transformational Leadership ليست دائما سهلة التحقيق أو خالية من الاخطاء التنفيذية في ارض الواقع وتحتاج للتوجيه والإرشاد والمنتورنج Together counseling coaching and mentoring لكي تتميز وتؤثر في التابعين ولكي تؤتي النتائج المرجوة من التحول التنظيمي المطلوب. ويبحث الكثير من القادة ممن يطمح في تبني مفاهيم وادوار القيادة التحويلية هم معنى coaching بالعربي ولا يجد لهذه الكلمة مقابل. ومن هنا تأتي صعوبة التفريق بين الكوتشنج والمنتورنج والإرشاد. فكل هذه المفاهيم سويا تشكل منظومة تتطابق فيما بينها في تفاصيل عديدة Together counseling coaching and mentoring overlap in many ways that it becomes difficult for a leader to differentiate. واسعى في هذا المقال القصير لوضع بعض المعالم في ذلك وخاصة فيما يختص بالقيادة التحويلية Transformational leadership.
معنى coaching بالعربي: يعرّف التّوجيه (الكوتشنج) Coaching ، حسب الإتحاد العالمي للكوتشنج International Coach Federation ، على أنّه شراكة بين الموجِّه والموجَّه في عملية تفكيرية إبداعية تحمل الموجِّه على التّحرك قدما نحو غاياته.
ويبدو لي أن الإتحاد العالمي للكوتشنج لا يدرك عمق كلمة توجيه في أبعادها المتعددة ومعنى coaching بالعربي كما يفهمه العربي اللغوي. ولآن كلمة توجيه قد تعطي مفهوم عكسي بمعنى اصدار أمر أو أوامر، إلا أن الكلمة أوسع من ذلك بكثير بدلالات قرآنية عظيمة ومنها: ” ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات” و “فول وجهك شطر المسجد الحرام”.. وغير ذلك من الآيات القرآنية المعبرة عن الاتجاه وليس فقط التوجيه. والإتجاه نحو شيء هو اختيار وهو من الوجه ويعطي مفهوم قوي جدا للتوجيه. ومن هنا ندرك أن كلمة توجيه لها معنى آخر وهو: توضيح الوجهة أوالإختيارات المتاحة للتوجّه أو وضع المسارات المتعددة التي يمكن أن يسلكها القائد. وهذا بحد ذاته في صميم معنى coaching بالعربي.
وفي عالم القيادة التحويلية Transformational leadership يعتبر التوجيه من أهم الادوات التي توظفها المنظّمات العالمية الأقوى في العالم، بل ويدفع القادة مبالغا طائلة للبوتيكات أو شركات التوجيه القيادي التنفيذي والتي توفق بين العميل القائد وبين الموجِّه المناسب له في كيفية التّعاقد وشروطه وأخلاقياته وغير ذلك. ويعتبر التّوجيه التنفيذي أو القيادي هو بداية ظهور علم التّوجيه من حيث النشأة والأصل، ثمّ اتسعَ علم التوجيه ليشمل غيره من توجيه الحياة وتوجيه الأعمال والتوجيه المهني.
تكمن أهمية التّوجيه القيادي في أنّه الوسيلة الأولى للتطوير القيادي[1] بعد التقييم 360 درجة حسب جمعية إدارة الموارد البشرية[2] SRHM وقبل المنتورنج Mentoring أو الإرشاد على رأس العمل. وفي السّنوات الأخيرة ظهرت دراسات مهمة حول أهمية التّركيز على نقاط القوة القياديّة أثناء التّوجيه وأثر ذلك على رفع مستوى الوعي الذاتي عند القادة ومقدرتهم على تطوير ومضاعفة أدائهم القيادي[3]. وفي دراسة شاربيه 2016 وُجد أنّ المنظّمات أصبحت تتجه نحو التّوجيه بنقاط القوة بدلا من التّوجيه لحل المشاكلات أو الصّعوبات الأخيرة إدراكا منهم لنجاح هذا الأسلوب[4]. وأكّدت دراسة أخرى أهميّة التّوجيه بنقاط القوّة وأثره على مضاعفة أداء القائد لأدواره وتطوير أداءه القيادي[5].
حتما يستفيد القادة من التّوجيه القيادي بشرط الإستعداد النّفسي للإلتزام جديّا بالجلسات التّوجيهيّة والشّفافيّة الكاملة في النقاش مع المُوجِّه للوصول إلى خطط عمل تطويرية أو أساليب تحوّليّة في قيادتهم الحاليّة. ولأن التّوجيه شراكة وحوار وأسئلة تمكينيّة، يستفيد القائد فقط عندما يكون متفاعلا وقادرا على وضع نفسه وفكره في الجلسة بالكامل.
إلا أن التّوجيه القيادي يتطلّب أن يكون المُوجّه ذا مهارة عالية في سبر أغوار ما يقال وما لا يقال في الجلسة من كلمات وتعابير منطوقة او محسوسة وأن يضع بصدق وشفافية عقله ومشاعره مع القائد في رحلة يبحران فيها بهدوء في المعاني والعبر المستقاه من المواقف والمشاعر المتعلقة بالقيادة وبالمواقف القيادية التي يستحضرها القائد بين يدي الموجّه. ولكي يستطيع المُوجّه فعل ذلك لابد أن يكون على درجة عالية من التّأهيل بحسب معايير الإتحاد العالمي للتوجيه ICF على مستوى PCC ومافوق بحيث يملك عدد السّاعات والخبرات التي تسمح له بأن يتحاور مع القائد بنفس مستواه أو أعلى.
لأنّ القيادة مسؤولية أخلاقية تجاه التّابعين وتجاه المنظّمة أو المنظومة متكاملة فلا يمكن أن يتمّ التّوجيه القيادي بمنحى عن الاخلاقيات الخاصة بالقيادة وبالتّوجيه ولا يمكن أن يكون الموجّه إلا سابقا في تطبيق هذه الاخلاقيات قبل القائد ليتمكن من الخوض بجرأة في النّقاط العمياء وتحدّي الواقع معه من أجل الغاية الأسمى الذي وجد كلاهما من أجلها في سياق القيادة. ومن هنا تأتي أهميّة التّوجيه القيادي بمفهوم القيادة النيوكارزمية والتي ترتكز على الإيثار والمرجعية الاخلاقية كما سنفصّل في مقال آخر بإذن الله.
وأخيرا أيّها القائد قبل ان تذهب للبحث عن الموجّه الحق الذي يسنجم مع أخلاقك ورسالتك السّامية لا تنسى أن تراجع سيرته الذّاتية ومصادر إعتماداته العالمية وتقوم معه بجلسة إستكشافية تستشفّ فيها مقدراته من خلال مقارنتها بما نصّت عليه أخلاقيات التوجيه في موقع الإتحاد العالمي ICF[6].
[1] Coaching Update Issue 27 Summer 2008.
[2] https://www.shrm.org/resourcesandtools/tools-and-samples/toolkits/pages/developingorganizationalleaders.aspx
[3] Zinger and Folkman 2002
[4] Sherpa Coaching LLC, 2016
[5] Eckstein, B. L. (2017), The role of coaching in developing character strengths in leaders. Copyright © 2017 Stellenbosch University.