قد يظن الكثير ان بيئة العمل المثالية هي نتاج الانظمة والإجراءات التي تسمح بالتفاعل الصحيح والإتصال ذا الشفافية العالية. ولكن في الحقيقة لا يوجد بيئة عمل مثالية بدون رضا وظيفي. والرضا الوظيفي هو نتاج مجموعة من المعادلات منها الإجراءات والا،ظمة ولكن أعظمها على الطلاق وجود تطوير دائم للموظف. وأهم أدوات التطوير على الإطلاق هو الكوتشنج او التوجيه. ماهو معنى coaching بالعربية؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال القصير.
لماذا تتزايد أعداد البطالة بدلا من أن تنخفض مع كل خطط رؤية 2030؟
قد يكون لموضوع كوفيد 19 يد في ذلك حيث تخلّى الكثير من أرباب العمل عن موظَّفيهم، ولكن هذا ينطبق فقط على أصحاب الأعمال الصغيرة أوالخاسرة وتبقى شريحة كبيرة من المنظّمات في قوة مالية مدعومة بشتّى الطرق وتمارس أعمالها كما في السّابق. لنبدأ أوّلا بحقيقتين، الأولى أنّ رب العمل يخسر كثيرا ليوظف شخص واحد ويخسر أكثر بالتّخلّي عنه والبحث عن غيره. والثّانية، أنّ الرّاغب في التّوظيف أجهده وأضناه البحث وحالته المالية سيّئة واستعداده لأن يبذل أقصى ما في جهده ليحصل على الرضا الوظيفي كبير. فإذا كان كلاهما متفقان في الحفاظ على الآخر فأين تكمن حلقة الوصل والتي بناءا عليها ينخفض عدد البطالة (-1) في المؤشّر؟
من خلال استقصاء شخصي بسيط لعدد من المبتعثين في الولايات المتحدّة والذين يتاح لهم فرص العمل أثناء الدّراسة وبعد التّخرج قبل الرجوع للوطن اتضح لي أن الجميع يفضّل العمل قبل الرّجوع وكان السّبب: (1) كل رئيس عمل يطلب خبرة لا تقل عن عامين في الوطن بينما يقبلني رئيس العمل في الولايات المتحدة بلا خبرة و(2) يبذل جهد في تدريبي على رأس العمل من خلال مينتور أو موجّه ( كوتش) فأتعلّم أكثر وأسرع، و(3) يدفع لي مالا يقل عن راتب البعثة أو أكثر، مما لن أجده في أي وظيفة أرجع لها بدون خبرة. هذه العوامل الثلاث تشكل منظومة مهمة في الرضا الوظيفي وأساس داعم لبيئة العمل المثالية.
ولكن يشتكي كثير من الموظِّفين من تدنّي مهارات وأخلاقيات المهنة لدى المواطن مما يؤثر على بيئة العمل المثالية ولا يعني هذا أن ندير ظهرنا له فتوظيف المواطن مسؤولية ويتطلب أن يقوم ربّ العمل الموظِّف بتدريبه وتأهيله ولكن كيف؟ تدلّ الاحصائيات العالمية أن أفضل تدريب وتنمية جدارات تتم على رأس العمل وبالذّات تلك التي يتبعها توجيه (كوشتنج) مباشر من المشرف أو الرئيس. وتجرتي الشّخصية كباحثة وموجّه قيادية في جميع المستويات محلّيا وعالميا أثبتت لي أن كلّ من يمرّ معي بالتّوجيه يتميّز ويتعلّم (إن كان شابّا موظفا) أو يصبح قادرا على احتواء وتوجيه موظفه (إن كان قائدأ). فما هو معنى coaching بالعربية لكي تكتمل المنظومة أعلاه؟ ا
معنى coaching بالعربي باختصار هو عملية تفاعل بين موجِّه ومُوَجَّه بهدف سبر معاني او اكتشاف حلول او التوصل إلى نهايات أو أهداف وغايات ووضع خطط عمل مبدعة. وفي هذه العملية ينمو الموظف ويصل إلى الرضا عن نفسه وعن وظيفته ومن هنا تبدأ بيئة العمل المثالية في الظهور مع الرضا الوظيفي شيئا فشيء.
ومن هنا نستنتج أن ما ذكرت أعلاه لا يكتمل إلا بتغيير جذري لدى صنّاع القرار من القادة أوّلا بتوظيف حديثي التخرّج بفترة تجريبية وبشرط الأداء وغير ذلك، برواتب عادلة ومنصفة ولو بدون خبره وأخذ المخاطرة فيهم وتدريبهم على رأس العمل وتوفير موجّهين لهم ومن هنا نحصل على الرضا الوظيفي وترتفع مؤشرات الاستمرار في الوظيفة وارتفاع الاداء. و حيث أنّ ثقافة التّوجيه محلّيا شبة معدومة، لابد أن يتبنى القائد التّوجيه بشكل شخصي ويكون هو أوّل من يتدرّب مع موجّه ليتمكّن من الصّنعة ومن هنا تتحقق بيئة العمل المثالية. والملاحظ أّنّ ميزانية التطوير تذهب للتدريب والدورات التدريبية والتي أثبتت الدراسات أنها قد تكون مضيعة للوقت إذا لم ترتكز على تحليل احتياجات دقيق أو تقييم جدارات مقنّن ومدروس من خلال احصائيات ودراسات ( كتلك التي يستخدمها مزودوا التقييمات العالمية).
ومن هنا ندرك سبب البطالة: إنعدام قدرة القائد على التّوجيه واقتصاره على أساليب منفّرة ومسببّة لمشاعر سلبية تجعل مغادرة الوظيفة والبحث عن غيرها أمر حتمي بسبب غياب الرضا الوظيفي، وتجعل خسارة رب العمل في البحث عن موظف آخر خسارة فادحة وترفع رقم البطاله (+1) في المؤشر. أو رفض ربّ العمل أن يتعب مع المواطن ويبذل جهد في تأهيله وتوجيهه ليوفر له بيئة العمل المثالية والرضا الوظيفي.
لا تنسى أخي القائد صانع القرار أن تتجاوز عن موضوع الخبرة السّابقة وتستبدله بتوجيه مستمر على رأس العمل وتستبدل الدّورات التدريبية ذات الرّفاهية والميزانيات الضّخمة بموجّه قيادي يعمل معك على مدار السّاعة ليكسبك أنت أوّلا مهارات التّوجيه ويكسب فريق عملك وكل من يعمل لديك قوّة القيادة النّيوكارزمية، فالقدوة هي أقوى طرق التّأثير!